المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, 2025

ياسوجيرو أوزو... الحياة بين ارتفاع ثلاثة أقدام من الأرض وأسفلها

عميقًا في الوادي حلَّ الربيع سُحُبٌ من براعم الكرز ولكن ها هنا العين الساكنة، طعم الإسقمري البراعم يغمرها الأسى وطعم الساكي مرير. كتب المخرج الياباني ياسوجيرو أوزو هذه الأبيات الشعرية عقب تشييع جنازة والدته، وقبل أشهر قليلة من وفاته في شتاء عام 1963، هذه الأبيات التي تمثل محور سينما ياسوجيرو بأن براعم الكرز يغمرها الأسى وإن طال الزمن. بكاميرا ثابتة وعلى ارتفاع ثلاثة أقدام، تميزت سينما ياسوجيرو بالعرض المسرحي المستوحى من الحياة نفسها، فالحياة مسرح كبير، وما نحن إلا ممثلون نؤدي أدوارنا على مسارح مختلفة حتى يُسدل الستار على حياتنا بنهاية مأساوية عنوانها الفراق والوحدة. "وُلدت، ولكن؟" فيلم صامت أنتجه أوزو عام 1932 عن الحياة في بواكيرها من وجهة نظر الأطفال، وانتهى العرض عام 1962 بفيلم ظهيرة يوم خريفي، الذي يمثل نهاية مأساوية لحياة الإنسان بعد تجرُّعه كأس الساكي المرير. ما بين "وُلدت و لكن"، و "ظهيرة يوم خريفي" ، قدَّم أوزو أفلامه التي تعبر عن تقلبات الحياة المختلفة في إطار أطول عرض ديناميكي في مسرح الحياة "الأسرة". "شومينجكي" هكذا تُعرف الدر...

الحياة ولا شيء سواها... من كوكر إلى الخرطوم

في عام 1987، أنتج المخرج والشاعر والمصور الفوتوغرافي عباس كيارستمي فيلمه الطويل الثالث بعنوان "أين منزل الصديق". تدور أحداث الفيلم في قرية تُسمى كوكر شمال طهران، ويحكي عن مغامرة الصبي أحمد في محاولة لإرجاع دفتر صديقه في قرية مجاورة. لإضافة الواقعية والتلقائية، عمل المخرج الإيراني مع ممثلين غير محترفين من نفس القرية "كوكر". تتحرك الكاميرا لترصد الحياة على طبيعتها في القرية، التلال ، الخضرة، الطرقات الجبلية، والأزقة الضيقة. لدى كيارستمي إحساس عالٍ بالإطار الجغرافي للَّقطة، مما يجعل المشاهد جزءًا من القصة. لذلك تعني قرية كوكر الكثير لمحبي السينما. بعد ثلاث سنوات من إنتاج الفيلم، ضرب زلزال مانجيل رودبار طهران مخلفًا أكثر من 40 ألف قتيل و500 ألف مشرد. حمل كيارستمي كاميرته في رحلة إلى كوكر مرة أخرى ليطمئن على ممثليه المغمورين في فيلم "أين منزل الصديق" رحلة تتأرجح بين الواقع والشاشة، المأساة والأمل، الحياة والموت. أسفرت الرحلة عن تصويره لفيلم "الحياة ولا شيء غيرها" عام 1992، ليكون واحدًا من أعظم الأفلام في التاريخ. يبدأ الفيلم بمشهد مدته ثلاث دقائق، مُص...

خدعة الضوء الأزرق ، بين كيشلوفسكي و كورايدا

 بين الضوء الأزرق (Blue) و خدعة الضوء (Maborosi) قدّم كيشلوفسكي و كورايدا سيمفونية رائعة تحكي عن الحزن عبر حوار سينمائي بين إنسانوية كيشلوفسكي و فردانيته كمخرج أوربي   متبنياً سردية التحرر من الحزن و واقعية كورايدا المخرج الياباني الذي ينتمي إلى ثقافة المونو نو أواري (رثاء الأشياء) بأنه لا فِرار منه، بل هو سنة الحياة. تم إنتاج فيلم أزرق كيشلوفسكي عام 1993و هو الجزء الثاني من ثلاثية الألوان المستنبطة من الثورة الفرنسية و استخدام اللون الأزرق كدلالة على الحرية، الحرية من الحزن. تنجو جولي من حادث تحطم سيارة فقدت على إثره زوجها و طفلتها، عبّر كيشلوفسكي عن حزن جولي بالصمت و تدفق اللون الأزرق الذي يملأ الشاشة و لقطات ال close up و المشاهد الطويلة. مستخدماً النظرية اللاكانية للصدمة، يبدأ كيشلوفسكي في ترميم حياة بطلة الفيلم من جديد، بالانخراط في الحب و العودة إلى الموسيقى لبناء جدار يفصلها عن ألم الصدمة، ينتهي الفيلم بتحرر جولي أخيراً من الحزن.  في فيلم خدعة الضوء (Maborosi) الذي تم إنتاجه في عام 1995 يرد كورايدا بأن اللون الأزرق، لون الحرية، مجرد وهم فلا يمكننا حقاً الفرار ...