السينما مرآة الروح
قبل مائة و تسعة و عشرون عاماً منحنا الأخوان لومير أدوات النحت في الزمن و هذا التعبير، أي النحت في الزمن، ابتدعه آندريه تاركوفسكي ،المخرج العظيم الذي يوصف السينما بأنها فن تشكيل الزمن كما ينحت النحات الصخر ليشكل التحفة الفنية. السينما هي عزاؤنا في هذا العالم القاسي و هي المواساة لمعاناتنا و لشعورنا بالوحدة و هي الذاكرة الشعورية و الوعي المشترك للجنس البشري و هي طريقة لمعرفة العالم و معرفة الآخرين. آلاف الشخصيات السينمائية هي اسقاط لأحلام و معاناة و عشق و كفاح عن حياتنا، عن التاريخ و الفلسفة و الخيال. في السينما ،و أعني هنا السينما الحقيقية، يفتح صانع الأفلام نافذة إلى داخله يبوح لنا عن هواجسه و خيالاته و أحلامه و أفكاره لنتشاركها معه لنشعر بالأسى تجاهه، لنحلم،لنغضب لنشعر بهيامه و بمعضلاته الأخلاقية و الوجودية، صانع الأفلام أهلكه الصمت و هو يتحدث إلينا كمتنفس، كمن تخنقه العبرة عند البكاء و كمن يحتضن المحبوبة عند اللقاء. يقول مستر فورد أن باخ و شوبان و موتسارت لم يموتوا بل أصبحو موسيقى ،ولكن ماذا يصبح كيارستمي و تاركوفسكي و كيشلوفسكي و بيرغمان و أنجيلوبولوس؟ إنهم لم...